كرم الرحمن Moderators
عدد المساهمات : 125 نقاط : 525 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 28/04/2009
| موضوع: الرضا... نعمة روحية وعلاج لهموم الحياة . السبت فبراير 20, 2010 3:12 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته احبائي الكرام احببت ان انقل اليكم هذا الموضوع الرضى الى الموضوع ربي يسعدكم جميعا . .
علماء النفس والرضا يقول علماء النفس: إن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية- التي تنعكس سلبا على صحة الإنسان وحياته- سببها عدم الرضا، ذلك أن الإنسان في حياته تواجهه المشقة والعنت والمعاناة، وذلك واضح في قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد) (البلد/ 4)، أي في معاناة، والإنسان بطبعه لديه تطلعات دائمة، وطموحات طائلة، وأحلام هائلة. فقد يحصل الإنسان على ما يريد، وهنالك لا يقنع، بل يطلب المزيد والمزيد، وحتى لو حصل الإنسان على ما يريد فإنه- إذا لم يرزق نعمة الرضا- يرى أن الذي حصل عليه أقل كما ونوعا مما كان يعيش في هم، بسبب خوفه من زوال تلك النعم التي منحها الله إياه، ومن ثم رأى أهل الحكمة أن متاع الدنيا مهما زاد فهو متاع مؤقت زائل لا محالة، ومن هنا كان الدعاء المأثور: "اللهم عرفنا نعمك بدوامها لا بزوالها".
الرضا علاج لهموم الحياة
إن هموم الحياة كثيرة ثقيلة، فالإنسان يعاني هموم العمل ومشكلاته، ويواجه مشكلات البيت ومتطلباته، من مرض الأبناء والآباء، وربما الخلافات الزوجية، والأقساط والديون المالية، وهموم الامتحانات والمقابلات، وغير ذلك كثر، ربما يفقدنا شهيتنا للطعام، ويحرمنا لذة النوم، ويرفع لدينا ضغط الدم، ويورثنا الأمراض: كارتفاع السكر، وأمراض القلب والشرايين والقلق، ولا ينجو من ذلك كله إلا من رزق نعمة الرضا. يقول "ديل كارنيجي": "عشت في نيويورك أكثر من سبعة وثلاثين عاما، فلم يحدث أن طرق أحد بابي ليحذرني من مرض يدعى "القلق"، هذا المرض الذي سبب- في السنين السبع والثلاثين الماضية. من الخسائر ما سببه الجدري بعشرة آلاف ضعف.. نعم لم يطرق أحد بابي ليحذرني من أن شخصا من كل عشرة أشخاص من سكان اميركا معرض للإصابة بانهيار عصبي، مرجعه في أغلب الأحيان إلى القلق". ويستطرد "كارنيجي" قائلا: "لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين المزارع الذي يحفر الأرض؟ لعل المزارع أشد استغراقا في النوم، وأوسع استمتاعا بالحياة من رجل الأعمال ذي السلطان والسطوة!! لا شك- إذن- في أن علاج الهموم يكمن في رضا العبد بقدر ربه، والصبر على الإبتلاء، واحتساب ذلك عند الله عز وجل، واليقين بأن الفرج آت لا محالة، فقد قال رب العزة سبحانه: (فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا) (الشرح/ 5-6).
إن الرضا نعمة ربانية روحية عظيمة، لا ينالها إلا المؤمن الذي آمن بربه، ورضي عنه، ووثق به وبرحمته وعدله وفرجه، وأدام الإتصال به وعبادته وطاعته، وتجنب إغضابه وعصيانه، وصدق المولى سبحانه إذ يقول: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم) (التغابن/ 11). والقناعة هي طريق الرضا، إنها كنز لا يفنى، ولو تدبر الإنسان حال الدنيا، وتأمل حال من امتلكوا الدنيا وذهبوا وفنوا جميعا.. لعاش قانعا مرتاح البدن والروح، ولله در من قال: هي القناعة فاحفظها تكن ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟!
توجيهات ربانية في الشكر والرضا
ثمة توجيهات في الرضا والشكر من الله عز وجل لرسله وأنبيائه، وفيما يلي بعض هذه التوجيهات: * توجيه لنبيه محمد (ص) في قوله تعالى: (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) (الزمر/ 66). * ولموسى عليه السلام: (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) (الأعراف/ 144). وثمة توجيهات بالشكر لسائر بني الإنسان، منها: * أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان/ 14). * وثمة توجيه للحكماء، ومن ذلك قوله تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه) (لقمان/ 12). - ثناء الله على الراضين الشاكرين لقد أثنى الله عز وجل على نوح عليه السلام لأنه كان من الشاكرين، قال تعالى: (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا) (الإسراء/ 3). كما أثنى على إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين* شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم) (النحل/ 120-121). كما أعلن رضاه سبحانه عن المؤمنين الأنصار الذين بايعوا النبي (ص) قال تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) (الفتح/ 18).
موقف مؤثر
كان - رحمه الله- خبيرا تربويا وأستاذا فاضلا، وكان صديقا عزيزا برغم فارق السن بيننا.. قبل تقاعده بخمس سنوات عدته مريضا في مستشفى المعلمين على ضفاف نيل مصر العظيم، كان الرجل قد بلغ الستين من عمره، وكان يعيش في حي من ارقى أحياء القاهرة، توفيت زوجته التي أحبها من أعماق قلبه، وقد رزق منها بنتين، تخرجتا في كلية الطب، وتزوجتا، وسافرت كل منهما مع زوجها خارج مصر، تلك مرحلة من حياة الرجل التي حكاهالي عندما زرته في مرضه. وكان مما حكاه لي أن المرض الذي اصابه هو السرطان، ولم يكن الطب تقدم آنذاك كما نرى الآن، كلتا البنتين عرضتا على أبيهما أن يسافر معهما خارج مصر للعلاج، لكن الرجل آثر أن يعيش بوطنه، كانت لديه عزيمة وإرادة، كان راضيا متفائلا، ترى على وجهه وتلمح في تعبيراته روح الإيمان ولا أزكيه على الله. قال لي: لقد أخبرني الطبيب منذ خمس سنوات، وصارحني بمرضي وقال لي: إنك لن تعيش سوى أسابيع، أو على الأكثر ستعيش شهورا، لأن حالتك متأخرة، فرد صديقي على الطبيب قائلا: لو كان الأمر بيدي لمنعتك من ممارسة هذه المهنة؛ لأن الطبيب إنسان قبل أن يكون طبيبا، يبعث الأمل لا الجزع، ويعالج المريض معنويا كما يعالجه جسديا. يقول صديقي هذا- رحمه الله: لقد خرجت من عند هذا الطبيب وقد قررت أن أتزوج، وبالفعل هاتفت إبنتي كلتيهما، وفاتحتهما في الأمر، فأكدت لهما وفائي لأمهما رحمها الله، وحاجتي إلى زوجة تؤانس وحشتي، وتشاركني حياتي، وافقت ابنتاي، وقررتا الحضور لمساعدتي في الأمر، ومن الله علي بزوجة صالحة حباها الله بما يرغب فيه الرجل في المرأة، ونظمت حياتي، وكان دوائي الأساسي الرضا، لقد قلت في نفسي: هب أنك ستعيش شهرا واحدا أو أسبوعا أو يوما أو حتى ساعة واحدة، أنت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تعيش تعيسا قلقا مهموما مغتما تنتظر الموت، وإما أن تعيش. وإن كانت الحياة ساعة واحدة- في راحة بال ورضا وسعادة، فكان الاختيار الثاني، فمن الله علي بالرضا!! أتدري. عزيزي القارئ. كم عاش صديقي بعد ذلك؟ لقد عاش إحدى عشرة سنة بعد حديثه معي، وكان قد عاش بمرضه خمس سنوات قبلها، أي إنه عاش ستة عشر عاما راضيا بمرضه. شاكرا لربه.
| |
|